ولكن البيروني أدلى برأيه بعد سرد هذه الأقوال، وهو أنّه سمّي لتغيّر مائه بالغلظة والكدورة، يقال: دم باحر وبحراني إذا كان ثخينًا أسود (ص 139، 140).

2 - أما كلمة "الجمانة" فحكى فيها قولين: أحدهما أنّها اللؤلؤ، والآخر أنّها مصوغة من فضّة، ثم أورد أحد عشر بيتًا منها بيتان لامرئ القيس وبيت لكل من عدي بن زيد وحاتم الطائي والنابغة الذبياني من شعراء الجاهلية، ولذي الرمّة وقيس بن الملوح من شعراء العصر الإسلامي، وللمتنبي والخوارزمي من المتأخّرين، عدا أبياتًا للأعشى والأسود بن يعفر جاء بها الاستطراد. وهذه الأبيات كلها تحتمل عند البيروني أن يكون الجمان لؤلؤًا، كما يحتمل أن يكون مصوغًا من فضة. ثم أتى ببتيني أحدهما للبيد بين ربيعة والآخر للمسيب بن علس يصرحان بأن الجمان هو اللؤلؤ، ثم يتبعهما بيتًا لهدبة بن خشرم يصرح بأنه معمول من الفضّة. وبعد سرد هذه الأبيات التي قسمها إلى ثلاثة أقسام يشير إلى قول في الجمان بأنه فارسي معرب (?)، ويعلّق عليه قائلًا: "فإن كان كذلك فهو من كمان" وهو الظن الذي لا يتحقّق معه أهو اللؤلؤ أم مشبه به، وهذا يميل إلى أنّه معمول من الفضّة، فقلّما تقع الشبهة في اللؤلؤ، وإنّما تقع في أشباهه" (ص 109 - 112).

3 - ومن الكلمات التي استعان البيروني في تحقيقها بثقافته الهندية كلمة "العندم". وكثرت هذه الكلمة في كلام العرب كما كثر اختلاف علماء اللغة فيها فقال حمزة: إنّه جريال العصفر، وحمله قوم على البقَّم، وآخرون على الأيدع، وقال أبو حنيفة الدينوري مخبرًا عن بعض الأعراب أنّها بقلة تسمّى النيل لها نور أحمر مظلم يسمّى: العندم. ثم نقل عن الفارابي صاحب ديوان الأدب أن العندم دم الأخوين وقال: يسمّى بالفارسية "خون سياؤشان" لاعتقادهم فيه أنه ينبت من دم سياؤش بن كيكاؤس المسفوح على الأرض. وهنا تدله ثقافته الهندية على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015