ولم يفطن من علمائنا المحدثين إلى هذا التناقض، بين رواية الجرمي أو المازني، وما يوجد في الكتاب بالفعل غير الشيخ محمد الطنطاوي في كتابه: "نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة"، غير أنه يعتقد كذلك في أسطورة الأبيات الخمسين، ويتعجب من زيادة غير المنسوب في الكتاب عن هذا العدد، ويحاول أن يجمع الأبيات التي نص البغدادي في خزانته على أنها من الخمسين، فيقول: "وسميت الأبيات الخمسون بين العلماء بأبيات سيبويه الخمسين المجهولة القائل. ونسبة الشعر للشاعر الصادرة من الجرمي أو المازني، لم تشمل الألف كلها، في الكتاب المطبوع بين أيدينا، ولا أدري سببا في ذكر القائل في البعض دون البعض، فقد كان في تعيين النسبة للألف كلها، إعلان كاف عن الخمسين المجهولة، فليس وراء المعلوم إلا المجهول، والمهم إنما هو الوصول لمعرفة الأبيات المجهولة الخمسين. وقد استعنت خزانة الأدب للبغدادي، في الوصول إليها، فعلمت منها بالنص اثنين وثلاثين"1.
وقد بلغت أسطورة الأبيات الخمسين مداها، عند الشيخين عبد العظيم الشناوي ومحمد عبد الرحمن الكردي، اللذين نشرا كتاب الشيخ محمد الطنطاوي نشرة جديدة بعد موته، مع بعض التعليقات، فقالا في التعليق على الأبيات التي نص صاحب الخزانة على أنها من أبيات سيبويه الخمسين: "قد نجد في كثير من كتب الشواهد، أن بعض هذه الأبيات منسوب إلى معين، والصواب أنها مجهولة القائل"2.