وقد ظل هذا التطور سائرا في طريقه في لهجات الخطاب، حتى ساد وحده، وقضى على الظاهرة القديمة، ففي اللهجة العامية المصرية نقول مثلا: فلان اصدعت دماغه، واسرع في كلامه. ولا أثر للصيغة القديمة في لهجات الخطاب، إذ لا يقال فيها مثلا: فلان تصدعت دماغه، وتسرع في كلامه.

وكذلك الحال في صيغة: "تفاعل" إذ ماتت هي الأخرى، وحلت محلها صيغة "اتفاعل" التي شاهدنا مولدها في عصر نزول القرآن الكريم، إذ نقول الآن في لهجات الخطاب: فلان اشَّاتم مع فلان، واصَّالحوا سوا، بدلا من: تشاتم، وتصالحوا.

بل لقد سادت صيغتا: اتفعل واتفاعل، في اللهجة العامية المصرية، حتى ولو لم يكن في الأصل صوت من أصوات الصفير، أو الأصوات الأسنانية، كقولنا مثلا في لهجة الخطاب: "اتفرج" و"اتبهدل" وغير ذلك.

ومن أمثلة بدايات التطور في الظواهر اللغوية، في العربية الفصحى كذلك، ما حدث في صيغة: "انفعل"، منذ عصور العربية الأولى، فقد كانت هذه الصيغة موضوعة للدلالة على مطاوعة الفعل الثلاثي، أي قبول أثر هذا الفعل، مثل: "كسرت الإناء فانكسر"، و"فتحت الباب فانفتح"1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015