من سنة تسعين إلى سنة مائتين. وكان الذي تولى ذلك من بين أمصارهم، أهل الكوفة والبصرة من أرض العراق، فتعلموا لغتهم والفصيح منها، من سكان البراري منهم، دون أهل الحضر، ثم سكان البراري من كان في أوسط بلادهم ومن أشدهم توحشا وجفاء، وأبعدهم إذعانا وانقيادا، وهم قيس وتميم وأسد وطيئ ثم هذيل، فإن هؤلاء هم معظم من نقل عنهم لسان العرب. والباقون فلم يؤخذ عنهم شيء؛ لأنهم كانوا في أطراف بلادهم، مخالطين لغيرهم من الأمم، مطبوعين على سرعة انقياد ألسنتهم لألفاظ سائر الأمم المطيفة بهم، من الحبشة والهند والفرس والسريانيين وأهل الشام ومصر"1.

ومما يدل على مكانة اللغة الطائية في نفوس القوم، ما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام، من حديث طلحة بن عبيد الله أنه قال: "فوضعوا اللج على قفي"، ثم فسره فقال: "وقوله: قفي، هي لغة طائية. وكانت عند طلحة امرأة طائية، ويقال إن طيئا لا تأخذ من لغة أحد، ويؤخذ من لغاتها"2. وما يؤخذ من لغات طيئ إلا لفصاحتها ومكانتها بين القبائل الأخرى. كما أن اعتزاز طيئ بلغاتها، كان هو السبب -فيما يبدو- في عدم أخذها عما عداها من لغات العرب، فيما رواه لنا أبو عبيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015