ضحل المضمون، فلا تزال أمامنا فرصة الإفادة من القراءة الواعية للنصوص الجيدة، وعندئذ تتكون السليقة اللغوية عند أبناء العربية، وتجري ألسنتهم بالفصحى العذبة، وتأتي دروس القواعد، فتنظم هذا الكيان اللغوي، الذي نما وترعرع في ظل النصوص. وعندها لا يجد أعداء العربية ما يقولونه، حول صعوبة قواعدها، أو ضعف المتعلمين بها.

أما الدعوى الثانية، وهي أن العربية قاصرة عن استيعاب علوم العصر، فالرد عليها هين جدا؛ لأن المنصفين من علماء اللغة يعتقدون اعتقادا جازما في قدرة كل لغة على التعبير على أية فكرة، متى قامت في نفوس أصحابها، "فهناك وجه شبه ظاهر، بين اللغة ومختلف أنواع النقود، التي نستعملها في البيع والشراء، فالنقود في نظر رجال الاقتصاد، ما هي إلا رمز للقوة الشرائية، التي تمكن الإنسان من تملك الشيء، الذي تصبو إليه نفسه، فإن القيمة الحقيقية لما في العملة من ورق أو معدن، تعد شيئا تافها بالنسبة لقواتها الشرائية، فالصكوك والعملة الورقية، لا تساوي في حد ذاتها، أكثر من قيمة الورق الذي طبعت عليه. وللذهب والفضة قيمة محدودة لأغراض الزينة، ولكنهما من الناحية العملية أقل قيمة من المعادن الأخرى، التي تفوقها في الصلابة وقوة الاحتمال. فحقيقة الأمر أن القيمة الحقيقية للنقود، هي صفة يضيفها عليها المجتمع الذي يتعامل بها"1.

وكذلك اللغة، فإن قيمتها في تمسك أهلها بها، ورواجها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015