ويحتج أيضا بقول الهذلي في كتابه، وهو قوله:

يبيت على معاري فاخرات ... بهن ملوب كدم العباط

وليست هاهنا ضرورة، فيحتاج الشاعر إلى أن يترك صرف "معار". ولو قال: "يبيت على معار فاخرات"، كان الشعر موزونا والإعراب صحيحا. قال أبو محمد: وهكذا قرأته على أصحاب الأصمعي. وكقوله في بيت آخر.

ليبك يزيد ضارع لخصومة ... ومختبط مما تطيح الطوائح

وكان الأصمعي ينكر هذا، ويقول: وما اضطره إليه؟ إنما الرواية: ليبك يزيد ضارع لخصومة"1.

وقد أسهم النساخ والطباعون، في شيوع التصحيف والتحريف في كثير من شواهد النحو، ومسائله وقضاياه، وأصبح من الواجب علينا التدقيق في إخراج هذه الكتب محققة، على وجه تخلو فيه من مثل هذه التحريفات الشنيعة، التي تتداول بين الدارسين، في مشاهير الكتب النحوية، فقد استشهد ابن عقيل في شرحه لألفية ابن مالك، على جواز نصب المفعول لأجله، إذا كان محلى بالألف واللام، بقول قريط بن أنيف:

فليت لي بهم قوما إذا ركبوا ... شنوا الإغارةَ فرسانا وركبانا

والبيت على هذا الرواية، التي جاءت في كتاب ابن عقيل، ليس فيه شاهد على هذه المسألة؛ لأن "الإغارة" مفعول به، وليس مفعولا له. والذي في شعر قريط بن أنيف: "شدوا الإغارة". ويقول التبريزي في تفسيره: "ويُروى شنوا الإغارة أي فرقوها. ومن روى: شدوا الإغارة، فليس الإغارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015