والثاني: حتى ترجع إلى كتاب الله وسنة رسوله، قاله قتادة. فإن فاءت يعني: رجعت عن البغي.

فأصلحوا بينهما بالعدل فيه وجهان:

أحدهما: بالحق.

والثاني: بكتاب الله.

وأقسطوا يعني: اعدلوا، ويحتمل وجهين:

أحدهما: اعدلوا في ترك الهوى والممايلة.

والثاني: في ترك العقوبة والمؤاخذة.

إن الله يحب المقسطين يعني العادلين.

قال أبو مالك: في القول والفعل.

فدلت هذه الآية على:

- ... بقاء البغاة على إيمانهم.

- ... ودلت على الابتداء بالصلح قبل قتالهم.

- ... ودلت على وجوب قتالهم إن أقاموا على بغيهم.

- ... ودلت على الكف عن القتال بعد رجوعهم.

- ... ودلت على أن لا تباعة عليهم فيما كان بينهم.

فهذه خمسة أحكام دلت عليها هذه الآية فيهم.

وقال الشافعي: وفيها دلالة على أن كل من وجب عليه حق فمنع منه، وجب قتاله عليه حتى يؤديه. [ص:101] فروى سلمة بن الأكوع وأبو هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من حمل علينا السلاح فليس منا.

وأما الإجماع الدال على إباحة قتالهم: فهو منعقد عن فعل إمامين: أحدهما: أبو بكر في قتال مانعي الزكاة.

والثاني: علي بن أبي طالب في قتال من خلع طاعته.

إلى أن جاء في الفرق بين قتال أهل البغي وقال أهل الشرك (والعياذ بالله أن نكون منهم) ما يلي:

قال الماوردي: اعلم أن المقصود بقتال أهل البغي كفهم عن البغي، والمقصود بقتال أهل الحرب قتلهم على الشرك، فاختلف قتالهما لاختلاف مقصودهما من وجهين:

أحدهما: في صفة الحرب. والثاني: في حكمها.

فأما اختلافهما في صفة الحرب، فمن تسعة أوجه:

أحدها: أنه يجوز أن يكبس أهل الحرب في دارهم غرة وبياتا، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي.

[ص:132].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015