بِالسِّكِّينِ حَتَّى أَشُقَّ الْوَلَدَ بَيْنَكُمَا " إلَى مَعْرِفَةِ عَيْنِ الْأُمِّ، وَكَمَا تَوَصَّلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِقَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي حَمَلَتْ كِتَابَ حَاطِبٍ مَا أَنْكَرَتْهُ لَتُخْرِجْنَ الْكِتَابَ أَوْ لَأُجَرِّدَنَّك إلَى اسْتِخْرَاجِ الْكِتَابِ مِنْهَا.

وَكَمَا تَوَصَّلَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بِتَعْذِيبِ أَحَدِ ابْنَيْ أَبِي الْحُقَيْقِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى دَلَّهُمْ عَلَى كَنْزِ جَبَى لَمَّا ظَهَرَ لَهُ كَذِبُهُ فِي دَعْوَى ذَهَابِهِ بِالْإِنْفَاقِ بِقَوْلِهِ: الْمَالُ كَثِيرٌ وَالْعَهْدُ أَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَمَا تَوَصَّلَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِضَرْبِ الْمُتَّهَمِينَ بِالسَّرِقَةِ إلَى ظُهُورِ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ عِنْدَهُمْ، فَإِنْ ظَهَرَ وَإِلَّا ضَرَبَ مِنْ اتَّهَمَهُمْ كَمَا ضَرَبَهُمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّ هَذَا حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.

وَمَنْ تَأَمَّلَ الشَّرِيعَةَ وَقَضَايَا الصَّحَابَةِ وَجَدَهَا طَافِحَةً بِهَذَا، وَمَنْ سَلَكَ غَيْرَ هَذَا أَضَاعَ عَلَى النَّاسِ حُقُوقَهُمْ، وَنَسَبَهُ إلَى الشَّرِيعَةِ الَّتِي بَعَثَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ " (?)

-------------

وبعد:

إقامة الدولة العادلة من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، ومقوّمات وجود الأمّة:

فمن المعلوم المتقرِّر في هذه الشريعة العليّة الحكيمة، أنَّ الدولة العادلة من أهمّ مقوّمات وجود الأمّة، وبغيرها لا تؤدّي الأمّة رسالتها الحضارية، وأنَّه يجب على الأمّة الإسلامية، أن تقيم نظامَ الحكم الذي يحقِّق العدل، ويحارب الجور، ويحفظ مصالح الناس، ويدرء المفاسد عنهم، وهو من أعظم الفروض على هذه الأمّة العظيمة.

كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" يَجِبُ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ وِلَايَةَ أَمْرِ النَّاسِ مِنْ أَعْظَمِ وَاجِبَاتِ الدِّينِ؛ بَلْ لَا قِيَامَ لِلدِّينِ وَلَا لِلدُّنْيَا إلَّا بِهَا. فَإِنَّ بَنِي آدَمَ لَا تَتِمُّ مَصْلَحَتُهُمْ إلَّا بِالِاجْتِمَاعِ لِحَاجَةِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ وَلَا بُدَّ لَهُمْ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ رَأْسٍ حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - {إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ}.رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: {لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةٍ يَكُونُونَ بِفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ} فَأَوْجَبَ - صلى الله عليه وسلم - تَأْمِيرَ الْوَاحِدِ فِي الِاجْتِمَاعِ الْقَلِيلِ الْعَارِضِ فِي السَّفَرِ تَنْبِيهًا بِذَلِكَ عَلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاجْتِمَاعِ. وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِقُوَّةِ وَإِمَارَةٍ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا أَوْجَبَهُ مِنْ الْجِهَادِ وَالْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحَجِّ وَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ. وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقُوَّةِ وَالْإِمَارَةِ ... " (?) [مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية- دار الوفاء 28/ 390]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015