الفتوى أو القضاء، ومن قرأ كتب الفقه وجد مئات الأمثلة من الأحكام التي لا تعلل إلا بمطلق مصلحةٍ تُجلب، أو ضررٍ يُدفع، وكان الصحابة - وهم أفقه الناس لهذه الشريعة- أكثر الناس استعمالاً للمصلحة واستناداً إليها] عن موقع إسلام أون لاين.

رابعاً: إن ما زعمه المانعون من المظاهرات بأنها بدعة لم ترد في الشرع، وأن كل بدعة ضلالة، أقول هذا الكلام مردود، لأن الراجح من أقوال أهل العلم أن البدعة التي هي ضلالة، محصورة في العبادات ولا تدخل في الأمور العادية.

قال الإمام الشاطبي: [فالبدعة إذا عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه. وهذا على رأي من لا يدخل العادات في معنى البدعة وإنما يخصها بالعبادات] الاعتصام 1/ 37.

إذا تقرر هذا فإن البدعة هي التعبد لله بما لم يشرعه الله سبحانه وتعالى ولا جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يأت عن الخلفاء الراشدين، وهذا لا يكون إلا في العقائد والعبادات، فالبدعة التي تُعدُّ بدعةً في الدين، هي البدعة في العقيدة أو العبادة قولية أو فعلية، كبدعة نفي القدر وبناء المساجد على القبور وإقامة القباب على القبور وقراءة القرآن عندها للأموات والاحتفال بالموالد إحياءً لذكرى الصالحين والوجهاء والاستغاثة بغير الله والطواف حول المزارات، فهذه وأمثالها كلها ضلال لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) ... وأما الأمور العادية والدنيوية فالمحْدَث منها لا يسمى بدعةً شرعاً وإن سمي بدعة لغة، فلا تُعدُّ المحدثات الجديدة بدعاً في الدين مثل الطائرات ووسائل الاتصالات ومكبرات الصوت ... الخ. وكذلك ما يٌعدُّ من الوسائل كتعلم العلوم المختلفة كعلم النحو وكذا طبع المصحف وحفظه بوسائل الحفظ الحديثة كالأشرطة المسجلة والحاسوب ونحوها فهذه الوسائل لها أحكام الغايات والمقاصد فإذا كانت الغايات مشروعة كانت وسائلها المؤدية إليها مشروعة وليست من البدع في شيء] إتباع لا ابتداع ص 43 - 44.وبناءً على ما سبق فالمظاهرات لا تدخل في مفهوم البدعة.

خامساً: قول المانعين للمظاهرات بسبب ما يرافقها من أمور منكرة، لا يعني منعها مطلقاً، بل المنع يكون مُنصبَّاً على تلك الأمور المرافقة المحرمة فقط، ولا ينسحب هذا التحريم على أصل المسألة، ما دام هذا الأصل ضمن دائرة الإباحة.

ويضاف إلى ما سبق أن المظاهرات لنصرة المسلمين والوقوف مع المستضعفين، فيها نوعٌ من تحقيق الشعور بالأخوة الإسلامية وتعبيرٌ واضحٌ عن كون المؤمنين كالجسد الواحد، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).ولا شك أن هذا الأمر داخل في عقيدة أهل السنة والجماعة، هذه العقيدة التي يجب أن تطبق بشكل عملي، وليس مجرد كلام يطير مع الهواء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية عند حديثه عن أصول أهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015