- د. سماح هدايا
هل سننتظر المخلص طويلا وكثيرا ... ؟
وإلى متى سنظلّ معلقين على مشجب الشكوك والتّردد ونحن نجلد ذاتنا بمؤامرات الآخرين وخيانات الأقربين، ونكتوي بعار اللوم ودائه؟
هناك من يعتقد أنّ تركيا ستقدم للسّوريين في ثورتهم كثيرا من الدعم؛ لكنهم يتناسون أنّ لتركيا الدولة المجاورة ذات الإرث العثماني مصالحها ونيّاتها ومشاكلها الداخليّة والخارجيّة المعقدة المتشابكة، وعلى رأسها المشكلة الكرديّة، ثم مشكلة الهوية ومشكلة الثقافة والدين، التي تجعلها غير قادرة على الثبات طويلاً في أرض المباداء التي تدعيها.
هناك من يعتقد أنّ إيران سبب بلائنا كشعب سوري، لكنهم يتناسون أنّ إيران الشعوبيّة دخلت يمشروعها الاستعماري إلى بلادنا، بمباركة بعض أنظمتنا، وبخيانة بعض قادتنا وموافقة حكوماتنا، وتآمر أحزابنا وطائفيينا، الذين باركوا نفوذها التوسّعي، واستغلوه لتحقيق مصالحهم ومكاسبهم؛ خصوصا، نظام الأسد وحزب الله، ثم بعض فصائل القتال الفلسطيني العابثة بدم شعبها.
هناك من يعتقد أنّ الحل السحري لإنقاذ الشعب السوري، معقود بيد النظام السياسي الأمريكي والأوروبي والناتو؛ لكنهم ينسون أن للغرب وأمريكا والناتو مصالحهم الاستعماريّة، التي يعلو قائمتها أمن إسرائيل ومصير المشروع الاستعماري، ثم حماية النفط والدّفاع عن حراسه المأجورين.
هناك من يعلن بخبث أو غباء أنّ جامعة النظام العربي ستقدم العون للشعب السوري؛ وكأن حقيقة مهمة الجامعة في دعم أنظمة الاستبداد وتغطية جرائمه، غامضة لا يعرفها الجميع من الشرفاء والعقلاء والأسوياء؛ فالجامعة وأنظمتها دكان لتسويق بضاعة الإذلال لشعوب الأمّة.
الأمور واضحة جليّة. ولم تعد المشكلة في سوريا الثورة والحريّة متمثّلة في غياب المعرفة عن عموم الشعب، أو غياب النخوة والشجاعة. المشكلة أخرى، وهي متعلّقة ببعض المناظير الخاطئة والخطيرة في أعين بعض الشعب السوري، سواء في الصورة الرسمية للمعارضة، أو في الصورة المحايدة الصامتة الخائفة والمتواطئة من الشعب.
الحلول واضحة، تبدأ من الاعتماد على النفس والذات، وتقوية الثقة بالقدرة الفردية والجماعية والإمكانات العالية، ثمّ من صحوة المباداء والضمائر، لدى من لم تقلع الثورة حراشف عجزه. ثمّ، وهو الأهم، الآن، من إقصاء المعارضة السّلبيّة السوريّة التي تشارك النظام العربي في رجعيته واستبداده وجشعه عن ساحة التمثيل السياسي للشعب السوري، وللثورة السّوريّة، ولسوريا الحريّة.
لا حل لنا إلا نحن. الحل في أيدينا نحن