(الموافقات ص 57) وهذا يفهم منه أن العالم لا بد ((أن يكون ممن رباه الشيوخ في ذلك العلم لأخذه عنهم، وملازمته لهم)) (الموافقات 1 / 58) .
فالعلم لا يتكون من القراءة وحدها، وإنما يتكون من الخلطة بأهل العلم ومجالستهم، وهو ما يفقد لدى كثير من المنتسبين للعلم.
وكل انحراف أو زيغ في طريقة تحصيل العلم أو التأدب بآدابه، أو أداء حقه وواجبه، إنما مرده إلى شيء من الغلو في طريقة من طرق العلم، تفقد نوره وبهاءه، وتذهب ببركته.
(2) الجانب الاجتماعي والإنساني لا يمكن للإنسان مسلما كان أو غيره أن يعيش وحده منعزلا عن المجتمع، مفردا لا يختلط بغيره؛ لأن الإنسان مدني بالطبع، ويتعين على المسلم أن يكون إيجابيا في هذه الحياة، وعنصرا مؤثرا «الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُمْ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» كما جاء في بعض الآثار.
وقد أساء بعض من غلا مفهوم العزلة، واستجاب لسلبية لم تأمر بها شرائع الإسلام، بل فيها تحريف وسوء فهم ل ((بخاصة نفسك)) كما أن بعض الناس حاول أن يؤسس لعزلة نفسية، من شأنها أن تشعر المعتزل بتميز ما عن سائر المجتمع، وهي ذات آثار على النفس، وعلى مفاهيم الشخص غير مستساغة ولا مقبولة؛ لأنها تغرس لدى المعتزل استعلاء لا