يريد: أن لا يتأول في الأمر والنهى علة تعود عليهما بالإبطال، كما تأول بعضهم تحريم الخمر بأنه معلل بإيقاع العداوة والبغضاء والتعرض للفساد فإذا أمن من هذا المحذور منه جاز شربه.
وقد بلغ هذا بأقوام إلى الانسلاخ من الدين جملة. وقد حمل طائفة من العلماء أن جعلوا تحريم ما عدا شراب خمر العنب معللا بالإسكار، فله أن يشرب منه ما شاء ما لم يسكر.
ومن العلل التي توهن الانقياد: أن يعلل الحكم بعلة ضعيفة لم تكن هي الباعثة عليه في نفس الأمر؛ فيضعف انقياد العبد إذا قام عنده أن هذه هي علة الحكم، ولهذا كانت طريقة القوم عدم التعرض لعلل التكاليف خشية هذا المحذور.
وفي بعض الآثار القديمة: «يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَقُولُوا: لِمَ أَمَرَ رَبُّنَا؟ وَلَكِنْ قُولُوا: بِمَ أَمَرَ رَبُّنَا؟» .
وأيضا فإنه إذا لم يمتثل الأمر حتى تظهر له علته لم يكن منقادا للأمر، وأقل درجاته أن يضعف انقياده له.
وأيضا فإنه إذا نظر إلى حكم العبادات والتكاليف مثلا، وجعل العلة فيها هي جمعية القلب والإقبال به على الله فقال: أنا أشتغل بالمقصود عن الوسيلة، فاشتغل بجمعيته وخلوته عن أوراد العبادات فعطلها، وترك الانقياد بحمله الأمر على العلة التي أذهبت انقياده.