مثال ذلك: أن السنة وردت بالإبراد بالظهر في شدة الحر، فالترخيص الجافي أن يبرد إلى فوات الوقت أو مقاربة خروجه فيكون مترخصا جافيا، وحكمة هذه الرخصة أن الصلاة في شدة الحر تمنع صاحبها من الخشوع والحضور ويفعل العبادة بتكره وضجر، فمن حكمة الشارع أن أمرهم بتأخيرها حتى ينكسر الحر فيصلي العبد بقلب حاضر ويحصل له مقصود الصلاة من الخشوع والإقبال على الله تعالى.
ومن هذا نهيه أن يصلي بحضرة الطعام أو عند مدافعة البول والغائط، لتعلق قلبه من ذلك بما يشوش عليه مقصود الصلاة، ولا يحصل المراد منها، فمن فقه الرجل في عبادته أن يقبل على شغله فيعمله ثم يفرغ قلبه للصلاة، فيقوم فيها وقد فرغ قلبه لله تعالى ونصب وجهه له وأقبل بكليته عليه، فركعتان من هذه الصلاة يغفر للمصلي بهما ما تقدم من ذنبه.
والمقصود أن لا يترخص ترخصا جافيا.
ومن ذلك أنه أرخص للمسافر في الجمع بين الصلاتين عند العذر، وتعذر فعل كل صلاة في وقتها لمواصلة السير وتعذر النزول أو تعسيره عليه، فإذا أقام في المنزل اليومين والثلاثة أو أقام اليوم فجمعه بين الصلاتين لا موجب له لتمكنه من فعل كل صلاة في وقتها من غير مشقة، فالجمع ليس سنة راتبة كما يعتقد أكثر المسافرين أن سنة السفر الجمع سواء وجد عذر أولم يوجد، بل الجمع رخصة، والقصر سنة راتبة، فسنة المسافر قصر الرباعية سواء كان له عذر أولم يكن، وأما جمعه بين الصلاتين فحاجة ورخصة فهذا لون وهذا لون.
ومن هذا أن الشبع في الأكل رخصة غير محرمة، فلا ينبغي أن يجفو العبد فيها حتى يصل به الشبع إلى حد التخمة والامتلاء، فيتطلب ما يصرف