باب الصفات بين من ينفيها ويعطل الذات العلية عنها ويحرف ما ورد فيها من الآيات والأحاديث الصحيحة عن معانيها الصحيحة إلى معان باطلة من غير دليل، وهم وسط في باب الإيمان والأحكام بين الخوارج والمعتزلة الذين يقولون: إن مرتكب الكبيرة كافر وهو في منزلة بين الإيمان والكفر، فغلوا في ذلك فجعلوا كل الكبائر والمعاصي كالزنى وشرب الخمر والسرقة. . إلخ جعلوا فاعل ذلك كله كافرا خارجا عن الملة مثل من عبد غير الله، هذا غلو واضح وإن صحب غلوهم هذا الزهد والعبادة ولكن ليس هذا على هدي الرسول صلى الله عليه وسلم.
والمرجئة الذين يقولون: إن العبد إذا قال لا إله إلا الله وشهد لله تعالى بالوحدانية وأقر للرسول - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة فإنه مؤمن كامل الإيمان وإن عمل ما عمل وأنكروا أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، كلا الطرفين - الخوارج والمعتزلة من جانب والمرجئة من جانب خرجوا عن المنهج الصحيح والصراط المستقيم وعما جاء في الكتاب والسنة.
والسلف أهل السنة وسط أيضا في باب القدر، فالقدرية نفوا القدر ولم يثبتوه وغلوا في تحميل العبد المسئولية عن فعل المعصية وقالوا: إن الله تعالى لم يقدر عليه المعاصي ولم يخلقها وجعلوا جميع أفعال العبد من غير قدر الله وتقديره ولم يكتبها وإنما العبد من عند نفسه استأنفها وهذا غلو، وبالغوا في إرادة العبد ونفي إرادة الله.