وتوسع مدارك الخلاف، ويستهوي بعضها هؤلاء المفتونين، فيتمكن من قلبه ويتغلغل حتى يعود عقيدة راسخة، لأنه ليس عنده من الحصانة الثقافية الإسلامية ما تحجزه عن التهافت على الآراء المبتورة الممتزجة ببدع الأهواء، فهو على النحو الذي عناه الشاعر:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكنا
ذلك لأن الجاهل الذي لم تهذبه التعاليم الإسلامية، ولم ترسخ في ذهنه المقاصد الشرعية، ولم يحط علما بعلل الأحكام، لا يقدر على التمييز بين الآراء الصحيحة والسقيمة، ولا يفرق بين الغث والسمين، فيذهب في متاهة الغلو تارة، وفي مفاوز التفريط تارة أخرى، ويلتقط من الأفكار المجافية للأصول الإسلامية الصحيحة ما انشرح صدر هواه له، فتتلاعب به شياطين الإغواء والأهواء وهذه قاصمة الظهر.
ب - ومن نتائج التكفير الجماعي استحلال القتل الجماعي للمسلمين وغيرهم فإن التكفير وإزهاق الأرواح متلازمان وهما توأم، ولذلك أثبتت حوادث مريعة في بلاد الإسلام أن هذا الصنف من المفتونين يتخذون من وسائل التدمير الجماعية مسلكا لتحقيق أهدافهم، وهم في ذلك لا يفرقون بين الصغير والكبير، ولا الشيخ والرضيع، ولا بين الذكر والأنثى، ولا بين المذنب والبريء، وهذا من الخطورة بمكان، وإذا كان الإسلام هو دين مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال والعادات كما هو معلوم،