قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90] (الأنعام: 90) ، كما حفل بنماذج أخرى ضدها للتنفير من محاكاتها، قال ابن حزم: ((ولهذا يجب أن تؤرخ الفضائل والرذائل، لينفر سامعها من القبيح المأثور عن غيره، ويرغب في الحسن المنقول عمن تقدمه ويتعظ بما سلف)) (?) .
ومن ثم سيق في القرآن الكريم تجارب الأنبياء الأخيار لينتفع منها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ((فلما أمر محمد عليه الصلاة والسلام بأن يقتدي بالكل، فكأنه أمر بمجموع ما كان متفرقا فيهم، ولما كان ذلك درجة عالية لم تتيسر لأحد من الأنبياء قبله لا جرم وصف الله خلقه بأنه عظيم)) (?) وبهذا يتضح مفاد التعبير بحرف الاستعلاء في قوله تعالى {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] (القلم: 4) إذ دل على استعلاء الرسول صلى الله عليه وسلم على جميع الأخلاق الجميلة وتمكنه منها (?) ولا سيما أنه بعث ليتمم مكارم الأخلاق، وفي الحديث الشريف: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» (?) .
وإذا كانت طريقة القرآن فيما يذكره الله عن أهل العلم والأنبياء والمرسلين على وجه المدح للتأسي (?) بهم، فلا جرم أن ما امتدح الله به رسوله صلى الله عليه وسلم من عظيم الخلق يقتضي اتخاذه مثلا أعلى، ثم إنه قد جاء ذلك