فإن الكفر هنا ليس مرادا به الكفر المخرج من الملة بدليل قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] فسماهم مؤمنين مع كونهم متقاتلين (?) .
ثم بعد الكفر تأتي المحرمات، وقد قسمها العلماء على سبيل الإجمال إلى كبائر وصغائر، ودلت بعض النصوص على هذا التقسيم من مثل قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32]
وقد أجمع على ذلك السلف: قال ابن القيم - رحمه الله -: (والذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر بنص القرآن والسنة وإجماع السلف وبالاعتبار) (?) .
وكل واحد من هذه المحرمات يتفاوت؟ فالكفر يتفاوت وبعضه أغلظ من بعض، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (اعلم أن الكفر بعضه أغلظ من بعض؛ فالكافر المكذب أعظم جرما من الكافر غير المكذب، فإنه جمع بين ترك الإيمان المأمور به وبين التكذيب المنهي عنه، ومن كفر وكذب وحارب الله ورسوله والمؤمنين بيده أو لسانه أعظم جرما ممن اقتصر على مجرد الكفر والتكذيب، ومن كفر وقتل وزنى وسرق وصد وحارب كان أعظم جرما) (?) .