وهذا الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وقد جاءت الآيات والأحاديث دالة دلالة صريحة على زيادة الإيمان: (وكل نص يدل على زيادة الإيمان فإنه يتضمن الدلالة على نقصه وبالعكس؛ لأن الزيادة والنقصان متلازمان لا يفعل أحدهما بدون الآخر) (?) .
وقد ضل الضالون الغالون من الخوارج وغيرهم في أبواب الأسماء والأحكام بأسباب من جملتها: جهلهم بحقيقة الإيمان، وعلاقته بالأعمال، فقد (قالت الخوارج والمعتزلة: قد علمنا يقينا أن الأعمال من الإيمان فمن تركها فقد ترك بعض الإيمان، وإذا زال بعضه زال جميعه؛ لأن الإيمان لا يتبعض، ولا يكون في العبد إيمان ونفاق، فيكون أصحاب الذنوب مخلدين في النار، إذ كان ليس معهم من الإيمان شيء) (?) .
ومنشأ ضلالهم: (أنهم ظنوا أن الشخص الواحد لا يكون مستحقا للثواب والعقاب، والوعد والوعيد، والحمد والذم، بل إما لهذا وإما لهذا، فأحبطوا جميع حسناته بالكبيرة التي فعلها، وقالوا: الإيمان هو الطاعة، فيزول بزوال بعض الطاعة) (?) .
وقد زعموا أن الإيمان إذا كان مركبا من أقوال وأعمال ظاهرة وباطنة لزم زواله بزوال بعضها كما يزول اسم العشرة عنها إذا زال أحد أفرادها (وهذا هو الأصل الذي تفرعت عنه البدع في الإيمان فإنهم ظنوا أنه متى ذهب بعضه ذهب كله) (?) .