ولقد كان من الأسباب الرئيسة لانحراف الخوارج اعتدادهم بأهوائهم في مقابل النصوص، واعتدادهم بأنفسهم في مقابل الأجلة من أهل العلم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل كان أول خارج ذو الخويصرة المعترض على قسمة النبي - صلى الله عليه وسلم - القائل: (اعدل يا رسول الله!) ثم تتابع سير الخوارج على هذا النهج، فكانوا يعترضون على أجلة العلماء صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويرفضون أقوالهم بل ويتبرءون منهم ويكفرونهم، ويستحلون دماءهم؛ لما رأوا من مخالفتهم إياهم فيما يعتقدون وعلى ذات المنهج ساروا في معاملة أهل العلم من التابعين. لقد دخل الخوارج قرية فخرج عبد الله بن خباب - رحمه الله - ذعرا يجر رداءه، فقالوا: لم ترع؟ قال: والله لقد رعتموني، قالوا: أنت عبد الله بن خباب صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، قالوا: فهل سمعت من أبيك حديثا يحدثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحدثناه؟ قال: نعم سمعته يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه «ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، " قال: فإن أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول ". قال أيوب: ولا أعلمه إلا قال ": ولا تكن عبد الله القاتل» . قالوا: أنت سمعت هذا من أبيك يحدثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، قال: فقدموه على ضفة النهر، فضربوا عنقه فسال دمه كأنه شراك نعل ما ابْدَقَرَّ، وبقروا أم ولده عما في بطنها (?) .