قال ابن المنير: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع. اهـ.

وتلافيا للوقوع في هذا المزلق الخطير: أمر الشارع الحكيم بالقصد وهو الوسط في العمل.

فقد بوب البخاري - رحمه الله - في صحيحه (?) باب القصد والمداومة على العمل، في كتاب الرقاق. وذكر فيه حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: " أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ " وَقَالَ: " اكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ» .

[فصل في الغلو في الحكم على الناس]

فصل وأما الغلو في الحكم على الناس: فهو مجاوزة الحد في إلحاق الحكم عليهم بالكفر أو البدعة أو الفسوق. فإن الحكم بهذه الأمور على أحد من الناس إنما هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فمن دل الدليل القاطع على إلحاق هذه الأحكام به؛ ألحقت به، ومن لم يدل الدليل على لحوقها به؛ فإن تنزيلها عليه من تعدي حدود الله تعالى، والقول عليه بغير علم، وهو الغلو الفاحش الذي أردى الأمة ونخر في جسمها، وفرق جماعتها. بل إن أول الغلو في الأمة إنما هو هذا، يوم غلا الخوارج في الحكم على المسلمين، وحكام المسلمين بالكفر والخروج من الإسلام، فترتب على فعلهم هذا: إراقة دماء طاهرة مسلمة، وتمزق الجماعة، وانتشار التباغض والشحناء بين أهل الإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015