أحدهما: أنهم افتاتوا على منصب الإمامة، فذهبوا إلى البادية من رعيته ومن تحت يده وفي ولايته، من غير إذن منه، ولا أمر لهم بذلك. وقد كان من المعلوم أن الإمام هو الذي يبعث العمال والدعاة إلى دين الله.
الثاني: ما بلغه عنهم من الغلو والمجازفة والتجاوز للحد في المأمورات والمنهيات وإحداثهم في دين الله ما لم يشرعه الله ولا رسوله، فمن ذلك: أنهم كفروا البادية بالعموم.
ومنها: أنهم يلزمون من دخل في هذا الدين أن يلبس عصابة على رأسه، ويسمونها: العمامة، وأنها من السنة.
ومنها: أنهم لا يسلمون إلا على من يعرفون وتميز بالعمامة. وهم مع ذلك يزعمون أنهم هم على السنة، وأن المشايخ يميتون السنن.
ومنها: أنهم لا يدعون أحدا صلى معهم صلاة الصبح أن يخرج من المسجد إلا بعد طلوع الشمس.
ومنها: أنهم أدخلوا في دين الله ما ليس منه، فزعموا أن تدوية البدو للإبل عند ورودها وصدورها بدعة.
ومنهم من تجاوز الحد في التأديب عند فوات بعض الصلاة، فضربوا رجلا منهم حتى مات. .
فلما اشتهر هذا الأمر عنهم، وهذا الغلو والتجاوز للحد، خاف الإمام أن يسيروا بسيرة الخوارج، فيمرقون من الدين بعد أن دخلوا فيه،