وفي الشرح الكبير للدردير:وأما المتصادمان ففي العمد القود كما قال وفي الخطأ الضمان ولو سفينتين فيهما ولا شيء في العجز بل هدر ولو غير سفينتين كما أشار له بقوله (إلا العجز الحقيقي) أي: إلا أن يكون تصادمهما لعجزٍ حقيقي لا يستطيع كل منهما أن يصرف نفسه أو دابته عن الآخر فلا ضمان بل هدر ولا يحملان عند الجهل بل على العمد كما تقدم لكن الراجح أن العجز الحقيقي في المتصادمين كالخطأ فيه ضمان الدية في النفس والقيم في الأموال بخلاف السفينتين فهدر وحملا عند الجهل عليه لأن جريهما بالريح.
وقال المرداوي: إن اصطدمت سفينتان فغرقتا، ضمن كل واحدٍ منهما سفينة الآخر وما فيها. هكذا أطلق كثيرٌ من الأصحاب قال المصنف وغيره: محله إذا فرط. قال الحارثي: إن فرط ضمن كل واحدٍ سفينة الآخر وما فيها، وإن لم يفرط فلا ضمان على واحد منهما…وإن كانت إحداهما منحدرةً فعلى صاحبها ضمان المصعدة إلا أن يكون غلبه ريح فلم يقدر على ضبطها …وقال في المغني: إن فرط المصعد فإن أمكنه العدول بسفينته والمنحدر غير قادرٍ ولا مفرط فالضمان على المصعد لأنه المفرط.
قال الخرقي: وإن تصادم نفسان يمشيان فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر.
وقال ابن قدامة: ولا يجب القصاص سواء كان اصطدامهما عمداً أو خطاً، لأن الصدمة لا تقتل غالباً، فالقتل الحاصل بها مع العمد عمد الخطأ، وكذلك الحكم في اصطدام السفينتين، وكذلك بالنسبة لاصطدام الفارسين
فمما سبق يتضح اتفاق الفقهاء على أن ملاح السفينة لا يضمن ما تلف بسفينته إذا لم يفرط في ضبطها، واختلفوا في الدابة لأنه يمكن ضبطها. وبناءً عليه فنقول: إنه يلزم كلاً من السائقين ضمان ما أتلفه إلا إن كان الحادث حصل بأمرٍ خارجٍ عن إرادتهما ولم يقصرا، وفي حالة وجود المباشر والمتسبب فإن المباشر هو الضامن إلا إذا كان فعل المتسبب أقوى كما لو رمى بنفسه أمام السيارة بالقرب منها وبشكلٍ مفاجيء.