الوجه الثاني: على القول بجواز النقل من الكافر فقط: هذا الحديث مقيد بالمؤمن كما ورد ذلك صريحاً في الرواية الأخرى، ثم إن الكافر غير معصوم الدم حياً ولا ميتاً " إلا الذمي والمستأمن" فيجوز التصرف بأعضائه ولو كان متأذياً بذلك لأن إيذاءه فيه موافقة لمقصود الشرع وليست فيه مخالفة.

5- حديث لا ضرر ولا ضرار: يجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول على القول بالجواز مطلقاً: إن غاية ما دل عليه الحديث هو تحريم الضرر والإضرار، ونحن لا نسلم بأن الشخص المنقول منه يتضرر بهلاكه مستقبلاً، لأن الأطباء لا يقومون بمهمة النقل من شخص يؤدي نقل عضوه إلى هلاكه، ونحن لا نجيز النقل في هذه الحالات.

وعلى هذا فإن الحديث يعتبر خارجاً عن محل النزاع.

والوجه الثاني على القول بجواز النقل من الكافر فقط: إن الإضرار بالكفار مقصود شرعاً.

6- وأما حديث جابر رضي الله عنه في البداءة بالنفس. فيجاب عنه بقلب الاستدلال به، وذلك بأن يقال إن الإنسان إذا أراد التبرع بالعضو يبدأ بنفسه، فإن كان في تبرعه إضرار به لم يتبرع، وأما إن لم يكن فيه ضرر فإنه لا يشمله الحديث مطلقاً.

ثالثاُ: مناقشة الأدلة العقلية:

أما الوجه الأول: فيجاب عنه بأن الإنسان مأذون له بالتصرف في جسده بما فيه الخير، لذلك الجسد في الدنيا والآخرة.

والإذن بنقل الأعضاء فيه خير للآذن في الآخرة من جهة الثواب الذي سيتبعه، لما اشتمل عليه ذلك الإذن من تفريج كربة المسلم، والإحسان إليه.

أما الوجه الثاني: فيجاب عنه بأن النقل يشترط لجوازه عدم اشتماله على هلاك الشخص المنقول منه، وبذلك يكون الدليل خارجاً عن موضع النزاع.

أما الوجه الثالث: أن كرائم الأموال تقبل بإذن مالكيها فكذلك نقل الأعضاء.

أما الوجه الرابع: أن استقطاع الأبضاع مبني على حرمة المشاركة فيها لكونها مفضية إلى مفسدة الزنى، وهذه العلة غير متحققة في نقل الأعضاء، ومن ثم فإن القياس يعتبر قياساً مع الفارق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015