وقال العز بن عبد السلام (عبد العزيز بن عبد السلام السلمي ت 660 هـ) في قواعد الأحكام (1) : إذا اغتلم بحيث علم ركبان السفينة أنهم لا يخلصون إلا بتغريق بعض الركبان لتخف بهم السفينة فلا يجوز إلقاء أحد منهم في البحر بقرعة ولا بغير قرعة لأنهم مستوون في العصمة وقتل من لا ذنب له محرم، ولو كان في السفينة مال أو حيوان محترم لوجب إلقاء المال ثم الحيون المحترم؛ لأن المفسدة في فوات الأموال والحيوانات المحترمة أخف من المفسدة في فوات أرواح الناس". انتهى.
وأجيب بأن المسألة مختلفٌ فيها كما سبق، ثم إنها لا تشبه مسألتنا من جميع الجوانب؛ فقد يقال إن من ألقي في البحر قليل فنجاة الأكثر مطلوبة، لكن من قال بجواز الإلقاء لم يشترط عدداً معيناً لإلقائه فلو كان من ألقي في البحر أكثر ممن بقي في السفينة هل يقول بعدم الجواز أو يقول إن نجاة البعض أهون من موت الجميع؟ ثم إن الاستدلال بقصة يونس –عليه السلام- لو صح فهو استدلالٌ بشرع من قبلنا وقد ورد من شرعنا ما يخالفه وهو من الاعتداء على النفس لا من الإيثار.
الترجيح:
الراجح ترك الأجهزة على الأول لأن الأصل في المسلمين أنهم مستوون في العصمة ووجوب المحافظة على الحياة ومن هنا فلا يقدم أحدهم على الآخر إلا بسبب وكون انتفاع الثاني أكبر من الأول فهذا من المرجحات لكن مع الاستواء وهو غير متحقق هنا فإن الأول يترجح جانبه بالسبق، ثم إن في رفع الأجهزة عنه ارتكابٌ لمحظور وارتكاب المحظور أعظم حرمةً من ترك المأمور، والقاعدة تقول: درء المفسدة مقدمٌ على جلب المصلحة.
المراجع: ...
1- مجلة مجمع الفقه الإسلامي 2/1/481 – عدد 3 ج2.2
2- دراسات وقرارات مؤتمر الطب الإسلامي بالكويت.
3- قواعد الأحكام، للعز بن عبد السلام.
4- فقه النوازل، لبكر أبو زيد.
5- المنثور في القواعد، للزركشي. 6- الأشباه والنظائر، للسيوطي.
7- الأشباه والنظائر، لابن نجيم. 8- تكملة البحر الرائق.