تسري هذه النجاسات إلى لحم الحيوان بفضل الغليان، وقد ذكر الفقهاء أن مثل هذا الحيوان لا يحل أبدا. جاء في الدر المختار: "وكذا دجاجة ملقاة حالة غلي الماء للنتف قبل شقها". وقال ابن عابدين تحته: (قال في الفتح: إنها لا تطهر أبدا، لكن على قول أبي يوسف تطهر، والعلة-والله أعلم-تشربها النجاسة بواسطة الغليان) (1) . ولكن هذا الإشكال غير وارد في مسألتنا، لأن درجة الحرارة في هذا الماء لا تبلغ إلى نقطة الغليان، حيث تكون أقل بكثير من مئة درجة مئوية, ثم بقاء الدجاج في هذا الماء الحار لا يجاوز دقائق معدودة لا تكفي لتشرب اللحم النجاسة, والفقهاء الذين قالوا بنجاسة الدجاج إنما قالوا ذلك إذا كان الماء بلغ إلى درجة الغليان، ويبقى فيه الدجاج مدة تكفي لتشريب اللحم النجاسة. قال ابن عابدين رحمه الله بعد بيان المسألة المذكورة: "وعليه اشتهر أن اللحم السميط بمصر نجس، لكن العلة المذكورة لا تثبت ما لم يمكث اللحم بعد الغليان زمانا يقع في مثله التشرب والدخول في باطن اللحم، وكل منهما غير متحقق في السميط حيث لا يصل إلى حد الغليان، ولا يترك فيه إلا مقدار ما تصل الحرارة إلى ظاهر الجلد لتنحل مسام الصوف، بل لو ترك يمنع انقلاع الشعر" (2) ,هذا ينطبق تماما على هذا الماء الحار الذي تمر من خلاله الدجاج في هذا الجهاز, وقد أدخلت يدي في الماء فلم يكن محرقا، فضلا من كونه بلغ إلى حد الغليان.