وبين ذبح آلاف الدجاج فاصل كبير، ربما يمتد إلى نهار كامل، أو يوم أو يومين، فالظاهر أن هذه التسمية لا تكفي لذكاة هذه الحيوانات بأجمعها، وهذا قريب مما ذكره ابن قدامة أن من رأى قطيعا من الغنم فقال: بسم الله، ثم أخذ شاة فذبحها بغير تسمية، فإنه يحرم (?)
وقد يستشكل هذا بما ذكره بعض الفقهاء:
(ولو أضجع إحدى الشاتين على الأخرى تكفي تسمية واحدة إذا ذبحهما بإمرار واحد، ولو جمع العصافير في يده فذبح وسمي، وذبح آخر على أثره ولم يسم لم يحل الثاني، ولو أمر السكين على الكل جاز بتسمية واحدة) (?) وقد يتوهم منه أن مسألتنا مشابهة لمن أضجع شاتين، أو جمع العصافير في يده، حيث تكفي تسمية واحدة، ولكن الحق أن مسألتنا لا تنطبق على هاتين الصورتين، لأن ذبح الشاتين أو العصافير إنما وقع في فور واحد، دون أن يقع بين التسمية وبينه فصل يعتد به، ولذلك قد صرح في نفس الجزئية المذكورة، أن الذابح إن جمع العصافير في يده وذبح بعد التسمية، ثم ذبح عصفورا آخر على أثره لم يحل هذا العصفور الأخير، لأن ذبحه قد انفصل عن العصافير التي ذبحت في فور واحد. أما في مسألتنا فلا نستطيع أن نقول: إن جميع ما ذبح من الدجاج في مدة يوم أو يومين مذبوح في فور واحد، وإنما هي عمليات كثيرة من الذبح تقع واحدة تلو الأخرى، فالفرق واضح. فهذا يدل على أنه لا يكفي التسمية الواحدة من مشغل الجهاز لذبح سائر الدجاج، وإن أقيم رجل عند السكين الدوار ليسمي عندما تأتي الدجاجات إليه فيقطع حلقومها- وهذا شيء رأيته في مذبح من مذابح