ومن هنا، امتازت الشريعة الإسلامية عن الشرائع الأخرى في تحديد طرق الذبح، ووضع مبادئها وشرع أحكامها. فليست قضية ذبح الحيوان من الأمور العادية التي يتصرف فيها الإنسان كيفما يشاء حسب حاجته، أو مصلحته، أو حسبما يتيسر له دون أن يتقيد في ذلك بأصول وأحكام، وإنما هي من الأمور التعبدية التي يجب على المسلم الالتزام بأحكامها المبينة في الكتاب والسنة. فما ذهب إليه المفتي محمد عبده وتلميذه الشيخ رشيد رضا من كون ذبح الحيوان من الأمور العادية التي يجوز أن يتصرف فيها الإنسان بكل حرية (?) ، خطأ صريح، وقول مصادم للنصوص الصريحة، ولقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله)) . وأصرح من ذلك رواية أخرى، ولفظها: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها, وصلوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها)) (?) . وقد قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح الذبيحة في هذا الحديث بالصلاة واستقبال القبلة، وجعله من ميزات الشريعة الإسلامية التي يمتاز بها المسلم عن غيره، ومن العلامات والشعائر التي تنبئ عن كون الرجل مسلما، والتي يعصم بها دمه وماله. وأية شهادة أكبر من شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن ذبح الحيوان بالطريق المشروع من الأمور التعبدية،