آخر، وفي الصورة الثانية تنتقل حصته إلى مودع آخر. ولا سبيل إلى إبعاد هذه العوائق إلا أن نقول: إن (الشركة الجماعية المستمرة) نوع جديد مستقل من أنواع الشركات، ولا يجب لجوازه أن يتوفر فيه جميع عناصر شركة العنان أو المفاوضة. لكونه نوعا مستقلا، ولا يحكم بعدم جوازه إلا إذا تضمن ذلك إخلالا بأحد الشروط المنصوصة لجواز الشركة. ولا شك أنه ليس هناك نص في القرآن والسنة يحصر الشركة المشروعة في الأنواع التي ذكرها الفقهاء في كتبهم، وإنما بنى الفقهاء هذا التقسيم على استقراء ما كان معمولا به في بيئتهم. ولم تكن بعض هذه الأنواع إلا وليدة حاجات الناس في التجارة، مثل شركة التقبل، أو شركة الوجوه، فإنه لا يوجد لهما ذكر في نصوص القرآن والسنة، ولكنهم جوزوهما لمكان الحاجة، فلو حدث هناك قسم آخر للشركة فإنه لا يحكم ببطلانها بمجرد كونها لا تدخل في أحد الأقسام المذكورة في كتب الفقه، ما لم يعارض المبادئ الأساسية المنصوصة في القرآن أو السنة. وعلى هذا، فنستطيع أن نقول: إن (الشركة الجماعية المستمرة) نوع جديد للشركة أحدثتها حاجة الناس في مداولاتهم المعاصرة، وما دامت المبادئ الأساسية للشركة متوفرة فيها، فإنها لا تفسد بمجرد أنها لا تنطبق عليها بعض الفروع الجزئية التي ذكرها الفقهاء, ويلاحظ أن أموال جميع الشركاء مخلوطة في هذه الشركة، وكل منها معرض للربح والخسارة، ولا ينفرد فيها أحد الشركاء بتخصيص مبلغ معلوم من الربح، بل يشارك كل واحد منهم في الربح والخسارة على حد سواء لا فضل لأحدهم على الآخر، فإن المبدأ الأساسي للشركة موجودة في هذا النوع من الشركة. أما توزيع الربح على أساس الإنتاج اليومي، فإنه وإن لم يكن توزيعا للربح الذي نتج فعلا على كل مال على حدة، ولكنه توزيع للربح التقديري