كون ودائع كل رجل تزيد وتنقص كل يوم، فإن من يفتح حسابا في البنك، فإنه قد لا يحتاج إلى سحب بعض المبالغ منه في يوم، ثم إلى إيداع بعضها مرة أخرى في يوم آخر، وإن هذه العملية لا تختص بالحسابات الجارية فقط، بل يجري مثل ذلك في حسابات التوفير، حتى في الودائع الثابتة، فإن الودائع الثابتة وإن كان المفروض فيها أن تكون مؤجلة إلى أجل معلوم، ولا يملك صاحبها أن يسحب منها شيئا قبل أن يحل ذلك الأجل، ولكن المعمول به في أكثر البنوك أنها تسمح لصاحبها أن يسحب هذه الودائع أيضا عندما يحتاج إليها، وينقص البنك من فائدته بحساب ما بقي من أيام الأجل. ثم إن حسابات الودائع الثابتة كلها لا تفتح في تاريخ واحد، بل تختلف تواريخ هذه الودائع من شخص إلى آخر، كما تختلف آجالها من حساب إلى حساب، فلا تكون فترات الإيداع واحدة لجميع الأشخاص، بل يكون بينها تباين لا يحتمل التوفيق، فإذا حولت هذه العمليات إلى عقود الشركة أو المضاربة، فإن من الصعب جدا أن تحدد الأرباح والخسائر المتأتية على كل وديعة على الأساس المعروف لتحديدها.
وقد يقترح بعض الناس أن تغير البنوك الإسلامية طريق قبول الودائع مما هو معمول به في البنوك التقليدية، فلا تقبل ودائع التوفير والودائع الثابتة إلا في تواريخ محددة ولآجال موحدة، لتبتدئ فترة جميع الودائع في وقت واحد وتنتهي في وقت واحد، وليتمكن البنك من تحديد الأرباح الحاصلة عليها على أساس المعروف. ولكن هذا الاقتراح يصعب العمل به في البنوك، لأن طبيعة الأعمال المصرفية تقتضي أن تظل عمليات السحب والإيداع مفتوحة لكل أحد كل يوم، وإن تقييد هذه العمليات بيوم موحد مخصوص تسبب مشاكل كثيرة للتجارة السريعة المعاصرة، ويجعل كميات كبيرة من الأموال معطلة ومنعزلة عن النشاط التجاري. وبما أن توجيه الأموال الفائضة إلى النشاط