مسألة التعويض عن ضرر المطل:
وهناك مسألة أخرى تتعلق بالبيع المؤجل، وهي أن المشتري المدين ربما يقصر في أداء دينه عند حلول الأجل، أو في أداء بعض الأقساط في موعدها. فإن كان هذا التقصير من أجل إعساره، فقد بين القرآن الكريم حكمه واضحا، وهو قوله تعالى: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} [البقرة: 280] .
يعني: يجب على الدائن في هذه الحال أن يمهله إلى أن يزول إعساره، ويتمكن من أداء دينه، ولا يجوز للدائن أن يضيف إلى دينه شيئا، فإنه ربا صراح، لا شبهة فيه.
ولكن التقصير في أداء الدين ربما يكون على وجه المماطلة بدون عذر الإعسار، ولقد نشاهد اليوم أن الناس قد انتقص فيهم الوازع الديني والخلقي، وقد انخفض فيهم مستوى الديانة والأمانة، فلا يحتفل كثير منهم بمسؤوليتهم عن أداء الدين في موعده، فيتضرر الدائن بمماطلته ضررا بينا. وإن مشكلة المماطلة يواجهها اليوم كل دائن، ولكن ما تعانيه المصارف الإسلامية من الأضرار بسبب المماطلة أكثر وأبشع. وذلك لأن النظام الربوي يلعب فيه سعر الفائدة دورا فعالا في الضغط على المدين بأداء دينه في موعده، لأنه إذا قصر فيه لسبب أو آخر تضاعفت الفائدة عليه بصورة تلقائية. وبما أن الدين لا يمكن الزيادة فيه شرعا بسبب التقصير أو المماطلة، فإن الدائن ربما يستغل هذا الوضع، ويستمر في مماطلته إلى ما يشاء. ومعلوم أن لعنصر الوقت أهمية بالغة في النظام التجاري اليوم، وخاصة في النظام المصرفي المعاصر، فهل هناك من سبيل لدفع ضرر المماطلة من الدائنين، وخاصة عن المصارف الإسلامية؟ والذي أعتقد أن هذه المسألة لا تحدث مشكلة كبيرة إن كانت جميع المصارف في البلاد تتبع طريقة شرعية موحدة، وذلك لأن مثل هذا المماطل يجوز أن يعاقب بحرمانه عن الانتفاع بالتسهيلات المصرفية في