ولعلهم أفتوا بذلك على أساس أن الأجل وإن لم يكن صالحا للاعتياض عنه على سبيل الاستقلال، ولكن يجوز أن يقع بإزائه شيء من الثمن ضمنا وتبعا، كما أنه لا يجوز بيع الحمل في بطن البقرة، ولكن يجوز أن يزاد من أجله في قيمة البقرة، فما لا يجوز بيعه مستقلا قد يجوز الاعتياض عنه تبعا. ولما كان أساس المرابحة على بيان قدر من الربح، جاز أن يكون شيء من الربح بإزاء الأجل. فصار الأجل كأنه وصف في المبيع، فلما انتقص ذلك الوصف بأداء الدين قبل الحلول، أو بسبب حلوله بموت المدين، انتقص الثمن بقدره وإلى هذا المعنى أشار ابن عابدين في تعليل هذه المسألة، فقال: (وجه بأن الربح في مقابلة الأجل، لأن الأجل وإن لم يكن مالا، ولا يقابله شيء من الثمن، ولكن اعتبروه مالا في المرابحة إذا ذكر الأجل بمقابلة زيادة الثمن، فلو أخذ كل الثمن قبل الحلول، كان أخذه بلا عوض) (1) . وهذا التوجيه، وإن كان فيه شيء من الوزن، ولكنه مخالف للدلائل التي أسلفناها في منع (ضع وتعجل) فإنها وردت في كل دين مؤجل، دون فرق بين المساومة والمرابحة، وإن العمل بهذه الفتوى قد يجعل المرابحة والبيع بالتقسيط أكثر مشابهة بالمعاملات الربوية، التي يتردد فيها القدر الواجب في الذمة ما بين القليل والكثير مرتبطا بالآجال المختلفة للأداء. فلا أرى من المناسب العمل بهذه الفتوى في البيع بالتقسيط، ولا في المرابحات التي تجريها المصارف الإسلامية. والله سبحانه وتعالى أعلم.

حلول الدين بالتقصير في أداء بعض الأقساط:

وقد تنص بعض اتفاقيات البيع التقسيط على أن المشتري إذا لم يؤد

ـــــــــــــ

(1) . رد المحتار: 6/757، قبيل كتاب الفرائض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015