وأما الشافعية فلا يجوز عندهم استعمال الأشربة المحرمة للدواء صرفا، ولكن إذا كانت مستهلكة مع دواء آخر، فيجوز التداوي بها عندهم إن عرف بنفعها وتعيينها، بأن لا يغني عنها طاهر، كما صرح به الرملي في نهاية المحتاج حيث قال: "أما مستهلكة مع دواء آخر، فيجوز التداوي بها، كصرف بقية النجاسات إن عرف، أو أخبره طبيب عدل بنفعها بأن لا يغني عنها طاهر" (?) . والكحول لا تستعمل للدواء صرفا، وإنما تكون مستهلكة في دواء آخر، فتناولها لحاجة الدواء جائز عند الشافعية أيضا.
وأما المالكية والحنابلة فلا يجوز عندهم فيما أعلم التداوي بالمحرم في حال من الأحوال إلا عند الاضطرار. وحيث عمت البلوى في هذه الأدوية، فينبغي أن يؤخذ في هذا الباب بمذهب الحنفية، أو الشافعية، والله أعلم. ثم هناك جهة أخرى، ينبغي أن يسأل عنها خبراء الكيمياء وهو: أن هذه الكحول بعد تركيبها بأدوية أخرى، هل تبقى على حقيقتها أو تستحيل حقيقتها وماهيتها بعمليات كيمياوية؟ فإن كانت ماهيتها تستحيل بهذه العمليات بحيث لا تبقى "كحول" وإنما تصير شيئا آخر، فيظهر أن عند ذلك يجوز تناولها باتفاق الأئمة، لأن الخمر إذا صارت خلا جاز تناولها في قولهم جميعا لاستحالة الحقيقة.
13- الخمائر والجلاتين المتخذة عن الخنزير:
إن كان العنصر المستخلص من الخنزير تستحيل ماهيته بعملية