لأنه عينه لنوع قربة، وقد انقطعت، فصار كحصير المسجد وحشيشه إذا استغني عنه" (?)
فإذا عاد إلى ملك الواقف جاز له بيعه بعد ذلك. وأن الجمهور استدلوا على قولهم بعدم جواز البيع، وعدم انتقاله إلى ملك الواقف، بقصة عمر رضي الله عنه بخيبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من شرائط الوقف: ((أنه لا يباع أصلها، ولا تابع، ولا تورث ولا توهب)) أخرجه الشيخان وهذا لفظ مسلم في باب الوقف. واستدل الإمام أبو يوسف للجمهور بالكعبة أيضا، فإن في زمن الفترة قد كان حول الكعبة عبدة أصنام، وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية، ثم لم يخرج موضع الكعبة به من أن يكون موضع طاعة وقربة خالصة لله تعالى فكذلك سائر المساجد، واعترض عليه ابن الهمام في فتح القدير، بأن الطواف لم يزل باقيا على عهد الفترة أيضا، فلم تترك العبادة المقصودة بالكعبة رأسا، وأجاب عنه الشيخ العثماني التهانوي رحمه الله بأن القربة التي عينت لها لكعبة هي الصلاة إليها، دون الطواف وحده، لقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام بعد ذكر إسكانه ذريته عند البيت الحرام {رَبَّنَا لِيُقِيْمُواْ الْصَّلاَةَ} ولم يذكر الطواف، وقوله {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلْطَّائِفِيْنِ وَالْقَاِئمِيْنَ} مفسر بالمسافرين والمقيمين كقوله {سَوَاءاً الْعَاكِفُ فِيْهِ وَالْبَادِ} (?) ، وإن من أقوى أدلة الجمهور في هذا الباب قوله الله تعالى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللهِ أَحَداً} .
قال ابن العربي: