وأن الأمر في مثل هذه المواضع سهل ميسور، لأنها وإن كانت تستعمل للصلاة فيها، ليست مساجد شرعية، لأن أهلها لم يجعلوها مسجدا، فكلما أراد أهلها أن يبيعوا هذه المواضع لصالح المسلمين جاز لهم ذلك بالإجماع.
والثاني: ما اتخذوه مسجدا شرعيا، وجعلوا أرضه وقفا كمسجد، فالحكم في مثل ذلك عند جمهور الفقهاء أن هذا المكان يبقى مسجدا إلى قيام الساعة، ولا يجوز بيعه في حال من الأحوال، ولا يرجع إلى ملك واقفه أبدا، وهذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأبي يوسف رحمهم الله تعالى. يقول الخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله: "ولو انهدم مسجد، وتعذرت إعادته أو تعطل بخراب البلد مثلا، لم يعد ملكا، ولم يبع بحال، كالعبد إذا عتق، ثم زمن، ولم ينقض إن لم يخف عليه لإمكان الصلاة فيه، ولإمكان عوده كما كان.. فإن خيف عليه نقض، وبنى الحاكم بنقضه مسجدا آخر إن رأى ذلك وإلا حفظه، وبناؤه بقربه أولى، ولا يبنى به بئرا" (?) . ويقول المواق من فقهاء المالكية: "ابن عرفة من المدونة وغيرها: يمنع ما خرب من ربع الحبس مطلقا،..وعبارة الرسالة: ولا يباع الحبس وإن خرب..وفي الطرر عن ابن عبد الغفور: لا يجوز بيع مواضع المسجد الخربة، لأنها وقف، ولا بأس ببيع نقضها". (?) .