إليه، وتأثير فعله أقوى من تأثير المباشر، فإن الهلاك يضاف إلى ذلك الشخص الآخر، كما قدمنا في غير واحد من الأمثلة، ولا سيما في مسألة الناخس، وفي مسألة من وقع على غيره بعثرة حصلت له بوضع حجر في الطريق، فإنه لا يضمن، بل يضمن واضع الحجر.
ففي مسألة النائم، ليس هناك من يزاحمه في نسبة الإهلاك إليه، بخلاف مسألتنا في السيارة، فإن القافز هنا يزاحم السائق في نسبة الإهلاك إليه، وهو أولى بهذه النسبة لتعديه من السائق الملتزم الذي لا اختيار له. ولذلك لو رأى زيد مثلا أن عمرا نائم، هو على وشك أن ينقلب فوضع صبيا تحته حتى انقلب النائم عليه فأهلكه، فلا شك أن الضمان في هذه الصورة ليس على النائم، بل على الرجل الذي وضع الصبي تحته، مع أن النائم هو المباشر في الظاهر، وذلك لأن واضع الصبي يزاحمه في نسبة الإهلاك إليه، وتأثير فعله أقوى من تأثير فعل النائم، لأنه مختار ومعتد، بخلاف النائم، فكذا في مسألتنا. وإلى هنا قد ذكرت بتوفيق الله سبحانه وتعالى المسائل المهمة التي قد يقع فيها الاشتباه في عصرنا في حوادث المرور، والقواعد التي تنبني عليها مثل هذه المسائل، ويمكن على هذا الأساس أن تستخرج المسائل الأخرى في هذا الباب، وما تمكنت في هذه العجالة من استقصاء الجزئيات التي تتصور في عهدنا من حوادث المرور على الرغم من رغبتي لذلك، وذلك لضيق الوقت وارتباطي بالمهام الأخرى، ولكن أرجو أن ما ذكر في هذه العجالة سيكون عونا بإذن الله تعالى لاستخراج أحكام الصور الأخرى والله سبحانه أعلم وعلمه أتم وأحكم.
* * *