فهذا تصريح من علماء المالكية في جواز " ضع وتعجل " في الديون الحالة، ويبدو أن مذهب غيرهم من الفقهاء موافق لهم في ذلك، فإنهم حيث ذكروا حرمة " ضع وتعجل" قيدوا ذلك بالديون المؤجلة، كما هو ظاهر من عبارة الإمام محمد بن حسن في موطئه ومن ترجمة الباب التي عقدها، كذلك قيد ابن قدامة هذه المسألة بالدين المؤجل، (وقد مرت نصوصهما آنفا) ومن المعلوم أن مفاهيم كتب الفقه فيها حجة، فدل على جواز " ضع وتعجل " في الديون الحالة، وقال الشيخ ولي الدهلوي رحمه الله تعالى بعد ذكر قصة كعب وابن أبي حدود في وضع نصف الدين (1) : (فقال أهل العلم في التطبيق بينه وبين هذه الآثار أن الآثار في المؤجل، وهذا في الحال، وفي كتاب الرحمة: اتفقوا على من كان له دين على إنسان إلى أجل، فلا يحل له أن يضع عنه بعض الدين قبل الأجل ليعجل له الباقي ... على أنه لا بأس إذا حل الأجل أن يأخذ البعض ويسقط البعض) . والفرق بين الديون المؤجلة والديون الحالة ظاهر من جهة أن الدين الحال لا يشترط فيه الأجل، ولا يكون التأجيل فيه حقا من حقوق المدين، وبما أن الأجل منتف، فلا يمكن أن يقال إن الحصة الموضوعة من الدين عوض عن الأجل، فلا يكون في معنى ومما يجدر بالذكر هنا: أن عقد القرض الحسن لا يتأجل بالتأجيل عند الحنفية والشافعية والحنابلة، ويتأجل عند المالكية فقط. قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: (وإن أجل القرض لم يتأجل، وكان حالا. وكل دين حلّ

ـــــــــــــ

(1) المسوى مع المصفى: 2/382.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015