حيث أنه تصرف في ملك الغير، فوجب عليه الضمان، وكذلك لو زلق إنسان أو أغمي عليه، فوقع على مال غيره فأتلفه، فإنه ضامن، وإن لم يأت عملا محظورا.

وإن هذا التمييز الذي ذكره الشيخ مصطفى الزرقاء رحمه الله تعالى جيد وواضح. وبه

يرتفع التعارض بين من اشترط التعدي لضمان المباشر ومن لم يشترطه. والحاصل إذن: أن المباشر كلما أحدث ضررا في نفس معصوم، أو في بدنه أو في ماله فإنه ضامن، ولو صدر ذلك منه عند مباشرة فعل مباح في نفسه بدون تعمد.

2- والاشتباه الآخر الذي ربما يقع في فهم هذه القاعدة، هو أن بعض الفقهاء ذكروا قاعدة أخرى ربما تبدو معارضة لقاعدة " المباشر ضامن وإن لم يكن متعديا " وهي قاعدة " الجواز الشرعي ينافي الضمان " وهي مذكورة في المادة 91 من قواعد المجلة.

وظاهر هذه القاعدة معارض لتضمين المباشر إذا أضر أحدا بفعل مباح، ولكن هذه القاعدة إنما تعمل في ممارسة حق من الحقوق المطلقة التي لا تتقيد بوصف السلامة. أما الحقوق التي تتقيد بوصف السلامة، كحق المرور في الطريق، فمجرد كون الفعل جائزا في نفسه لا ينفي الضمان، وقد ذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى هذا الفرق في مسألة من قعد في المسجد فحدث به ضرر لآخر، قال رحمه الله: "وإذا قعد الرجل في مسجد لحديث، أو نام فيه في غير صلاة، أو مر فيه فهو ضامن لما أصاب، كما يضمن في الطريق الأعظم في قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: لا ضمان عليه، لأنه لو كان مصليا في هذه البقعة لم يضمن ما يعطب به، فكذلك إذا كان جالسا فيه لغير الصلاة، بمنزلة الجالس في ملكه ... فيكون ذلك مباحا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015