وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله هذه القصة واستدل بها على أنه لا ربا بين المسلم والحربي، قال رحمه الله تعالى: (ولما أجلي بين النضير قالوا: إن لنا ديونا على الناس، فقال: ضعوا وتعجلوا، ومعلوم أن مثل هذه المعاملة لا يجوز بين لمسلمين، فإن من كان له على غيره دين إلى أجل،
فوضع عنه بعضه بشرط أن يعجل بعضه لم يجز، كره ذلك عمر، وزيد بن ثابت، وابن عمر (رضي الله عنهم) (ذ) .
وحاصل هذا الجواب أن المسلمين كانوا في حالة الحرب مع بني النضير، فكان يجوز لهم أن يقبضوا على جميع أموالهم في تلك الحالة فلو استوضعوا عنهم بعض الديون، جاز من باب أولى. والوجه الرابع في الاعتذار عن قصة بني النضير أن اليهود كانوا يداينون الناس على أساس الربا، والذي أمر رسول الله عليه وسلم بوضعه، هو الربا الزائد على رأس المال، ولم يأمرهم بالوضع في رأس المال نفسه، ويؤيده أن الواقدي ذكر هذه القصة في سيره، فقال: (فأجلاهم -أي بني النضير - رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة، وولي إخراجهم محمد بن مسلمة، فقالوا: إن لنا ديونا على الناس إلى آجال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعجلوا وضعوا)) ، فكان لأبي رافع سلام بن أبي الحقيق على أسيد بن حضير عشرون ومائة دينار إلى سنة، فصالحه على أخذ رأس ماله ثمانين دينارا، وأبطل ما فضل) (?)