المئوية تمثل أجرة المثل على تلك الأعمال الإدارية حقيقة, ولا تتخذ حيلة لكسب الفوائد على القروض نفسها.

ونظير ذلك ما ذكره الفقهاء أن القاضي والمفتي لا يسع لهما مطالبة الأجر من الخصم, أو المستفتي, ولكن يجوز لهما أن يطالباه بأجرة كتابة الفتوى, أوكتابة الوثائق, والمحاضر والسجلات, مادامت هذه الأجرة لا تجاوز أجر المثل على مثل هذه الأعمال, ولا تتخذ حيلة لإكتساب الأجرة على الإفتاء والقضاء نفسهما.

وربما يستشكل تقدير العمولة بالنسبة المئوية, بأن الأعمال الإدارية لا تزيد ولا تنقص بزيادة مبالغ القروض ونقصانها, فينبغي أن تكون عمولتها مساوية لكل مستقرض, سواء كان مبلغ قرضه قليلا, أو كثيرا.

ولكن الجواب عن هذا الإشكال أن أجر المثل لا يبتنى دائما على قدر المشقة التي يتحملها العامل, أو الأجير, بل ربما يلاحظ فيه قيمة العمل المعنوية, والنفع الذي يرجع إلى المستأجر وحينئذ تزداد الأجرة في عمل قليل المشقة, وتنقص في عمل كثير المؤنة.

وجاء في الدر المختار للحصفكي:

(يستحق القاضي الأجر على كتب الوثائق, والمحاضر, والسجلات قدر ما يجوز لغيره كالمفتي ,فإنه يستحق أجر المثل على كتابة الفتوى, لأن الواجب عليه الجواب باللسان دون الكتابة بالبنان, ومع هذا الكف أولى احترازا عن القيل والقال, وصيانة لماء الوجه عن الإبتذال) (1) .

ويقول العلامة ابن عابدين تحته في كتاب جامع الفصولين:

(للقاضي أن يأخذ ما يجوز لغيره، وما قيل في كل ألف خمسة دراهم, لا نقول به, ولا يليق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015