وهذا في المبايعة نقدا، فما بالك في القروض التي يجري فيها أصل الربا، والتي يحترز فيها عن كل زيادة وشبهتها.
3- وهناك حديث أخر يوضح معنى المثلية في الديون خاصة، وهو ما أخرجه أبو داود وغيره عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت حفصة، فقلت: يا رسول الله: رويدك أسألك، إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء)) . (?) ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح لابن عمر رضي الله عنهما إذا وقع البيع على الدنانير أن تأخذ بدلها الدراهم بقيمة الدنانير يوم الأداء لا يوم ثبوتها في الذمة. يعني إذا وقع البيع على دينار مثلا، وقيمته وقت البيع عشرة دراهم، ثم لما أراد المشتري الأداء لم يكن عنده إلا دراهم، وقيمة الدينار الواحد يوم الأداء أحد عشر درهما، فإنه يؤدي إليه أحد عشر درهما.
ولذلك لما سأل بكر بن عبد الله المزني ومسروق العجلي عبد الله بن عمر عن كري لهما، له عليهما دراهم، وليس معهما إلا دنانير، أجاب ابن عمر: (أعطوه بسعر السوق) . فتبين أن القيمة إنما تعتبر يوم الأداء، لا يوم الثبوت في الذمة. ولئن كانت المثلية المعتبرة في الديون المثلية قي القيمة، لوجب قيمة الدنانير يوم الثبوت في الذمة. وهذا واضح جدا.