الشيخان رحمهما الله، ويبدو أن في التفاضل في مثل هذه الفلوس سعة على قولهما، وأما الفلوس التي يقصد بها التبادل دون خصوص المادة، فلا ينبغي المساهلة في أمرها، فإنها من أقوى الذرائع إلى الربا، والله سبحانه وتعالى أعلم. الصحيح الراجح في زماننا أن مبادلة الأوراق النقدية إنما تجوز بشرط تماثلها، ولا يجوز التفاضل فيها.
ثم التماثل ههنا لا يكون بعدد الأوراق، وإنما يكون بقيمة الأوراق الاسمية، فيجوز بيع ورق واحد قيمته الاسمية خمسون ربية بخمسة أوراق قيمة كل واحد منها عشر ربيات؛ لأن مجموع قيمة هذه الخمسة تساوي خمسين ربية، وذلك لأن المقصود من بيع هذه الأوراق ليس ذات الورق ولا وزنه أو عدده، وإنما المقصود هو القيمة التي يمثلها، فيجب التساوي في تلك القيمة، وهذا كما جعل الفقهاء الفلوس عددية، مع أن أصلها من معدن موزون، وما ذلك إلا لأن المقصود منها ليس ذواتها، وإنما المقصود هو القيمة التي تمثلها هذه الفلوس، فلو كانت قطعة منها تساوى عشرة فلوس، فإنه يباح بيعها بعشر قطعات قيمة كل منها فلس واحد، حتى عند من يحرم بيع الفلس بالفلسين؛ لأنها مساوية في القيمة، أو لأن قطعة العشرة وإن كانت واحدة في العدد، ولكنها في حكم عشر قطع، فتساوي عشر قطعات، فكذلك الأوراق النقدية لا يعتبر فيها عددها الظاهر، بل عددها الحكمي الذي يظهر من قيمتها الاسمية. والله سبحانه أعلم.
مبادلة عملات الدول المختلفة:
ثم الذي يظهر أن عملة الدولة الواحدة الرمزية كلها جنس واحد، وعملات الدول المختلفة أجناس مختلفة؛ وذلك لأن العملة اليوم لا يقصد بها مادتها، وإنما هي عبارة عن عيار مخصوص لقوة الشراء، وإن