وبعين هذا الرأي كان يرى بعض علماء الهند، مثل مولانا الشيخ فتح محمد اللكنوي رحمه الله، صاحب "عطر الهداية" و "خلاصة التفاسير" وتلميذ الإمام عبد الحي اللكنوي رحمه الله، صاحب المؤلفات المعروفة في العلوم الإسلامية. وقد شرح ابنه المفتي سعيد أحمد اللكنوي رحمه الله رأيه في آخر كتابه"عطر الهداية"، وذكر أن الإمام عبد الحي اللكنوي رحمه الله كان يوافقه في هذه المسألة.
وخلاصة قوله: أن أوراق العملة لها جهتان: الأولى: أنها يتعامل بها في البيوع والإجارات، وسائر العقود المالية كالسكك والأثمان سواء بسواء، بل وقد ألزمت الدول جميع الناس لقبولها في اقتضاء الديون والحقوق، فلا يسع لدائن في القانون اليوم أن يمتنع من قبولها في اقتضاء دينه. ومن هذه الجهة صارت هذه الأوراق أثمانا عرفية.
والجهة الثانية: أنها وثيقة من قبل الحكومة، والتزمت الحكومة بأداء بدلها عند هلاكها، فمن هذه الجهة أنها تخالف الأثمان العرفية المسكوكة، فإن الحكومة لا تؤدي بدلها عند هلاكها، ومن هذه الجهة ينبغي أن تعتبر كسندات لديون، أو كوثائق مالية أخرى.
ولكننا إذا أمعنا النظر في الجهة الثانية، رأينا أنها لا تبطل ثمنية هذه الأوراق، فإن الأصل أن الحكومة كانت تريد أن تصدر هذه الأوراق كأثمان عرفية، ولهذا ألزمت الناس قبولها في اقتضاء ديونهم، ولكن الأثمان المسكوكة سابقا، حتى النقود الرمزية منها، كانت في أنفسها أموالا لها قيمة يعتد بها، ولم يكن تقومها موقوفا على إعلان الحكومة، ولا بجعلها أثمانا رمزية، فإنها كانت تصنع تارة من الذهب والفضة، ومرة من الصفر، وأخرى من النحاس أو الحديد، مما هي أموال