ومنهم من انصرف إلى تخريج الزوائد، وهي الأحاديث الزائدة في أحد كتب الحديث على ما في بعض الكتب الحديثية الأخرى أو أحدها. وذلك لأن كتب الحديث لم يستوعب أحدها الحديث كله وممن صنف في كتب الزوائد في كتبه "أتحاف الخيرة" و"مجمع البحرين في زوائد المعجمين" و"المقصد العلي في زوائد مسند أبي يعلى الموصلي" والحافظ أحمد بن أبي بكر البوصيري "ت840هـ" في كتابه "زوائد سنن ابن ماجه على الكتب الخمسة".
و"أتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة" وابن حجر العسقلاني في كتابه "المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية".
ومنهم من اعتنى بتخريج أحاديث الكتب المهمة في الفقه والتفاسير والرقائق مثل الحافظ جمال الدين الزيلعي "ت762هـ" في كتابه "نصب الراية لأحاديث الهداية" وتخريج أحاديث تفسير الكشاف للزمخشري ومثل الحافظ العراقي في تخريجه أحاديث كتاب "إحياء علوم الدين للغزالي".
وهكذا فإن جهود العلماء في القرون التالة انصبت على العناية بالكتب الأولى التي دونت في القرن الثالث الهجري وتوطئتها وشرحها أوالجمع بينها لتيسير الرجوع إليها، وقد دعمت جهود المتأخرين آثار المتقدمين وكشفت عن دقتها وإتقانها وعظيم الجهود المبذولة فيها. فقد سلمت -على مر القرون وكثرة تناولها وتعريضها للنقد -وسمت على مظنة الطعن والاتهام، كما أن استقراء تاريخ الحركة الفكرية في الإسلام يكشف عن حقيقة واضحة وهي أن الحديث النبوي الشريف لقي من عناية العلماء ما لم يظفر به أي علم آخر في تاريخ الإسلام.