ومنهم من عمل المستخرجات على الصحيحين، وهو أن يخرج المحدث أحاديث أحد كتب الحديث المؤلفة قبله بأسانيده الخاصة من غير طرق صاحب الكتاب، ولكنها تلتقي مع إسناد صاحب الكتاب في شيخه أو من فوقه، وفائدتها في تكثير طرق الحديث وعلو الأسانيد. وممن عمل المستخرجات أبو بكر الإسماعيلي "ت371هـ" على صحيح البخاري، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني "ت316هـ" على صحيح مسلم.
ومستخرج الإسماعيلي ليس فيه أحاديث مستقلة زائدة على البخاري وإنما تحصل الزيادة في بعض المتون، والحكم بصحتها متوقف على أحوال رواتها. وأما مستخرج أبي عوانة ففيه أحاديث كثيرة مستقلة في أثناء الأبواب نبه هو على كثير منها ويوجد فيها الصحيح والحسن والضعيف أيضا1. وعمل أبو بكر البرقاني مستخرجا على الصحيحين وهو مشتمل على زيادات كثيرة في تضاعيف متون الحديث2.
ومنهم من جمع بين الصحيحين أو بين الكتب الستة أو بعضهما مثل محمد بن نصر الحميدي "ت488هـ" فإنه جمع صحيحي الباري ومسلم وقد ميز الزيادات التي يزيدها هو أو غيره "النكت، 100". ومثل أبي السعادات مبارك بن محمد ابن الأثير الجزري "ت606هـ" فإنه جمع بين الكتب الخمسة وموطأ مالك في كتابه المشهور "جامع الأصول لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم" وهذبها ورتبها وشرح غريبها.
ومثل البغوي "ت516هـ" فإنه جمع في كتابه "مصابيح السنة" 4484 حديث من الصحيحين والموطأ لمالك وكتب الشافعي وأحمد بن حنبل والترمذي وأبي داؤد والنسائي فابن ماجه والدارمي والبيهقي وأبي رزين العبدي "ت535هـ" ثم أكمله وذيل أبوابه الشيخ ولي الدين الخطيب في كتاب "مشكاة المصابيح".