له، وممن عرف بالرحلة من الصحابة جابر بن عبد الله1 وأبو أيوب الأنصاري2، واستمرت الرحلة في جيل التابعين لتلقي العلم عن الصحابة الذين تفرقوا في الأمصار عقب الفتوحات، وأصبح طلب الإسناد العالي هدفا للمحدثين فبدل أن يأخذ عن تابعي من طبقته فإنه يرحل إلى الصحابي الذي أخذ عنه التابعي فياخذ عنه مباشرة وكان لظهور الوضع في الحديث أثر في تنشيط هذه الرحلات العلمية طلبا للحديث من مظانه وتدقيقا لمصادره وبحثا عن أصوله وقد اشتهر بذلك من التابعين سعيد بن المسيب ومسروق وعامر الشعبي والحسن البصري وأبو العالية الرياحي3. وقد اتسع نطاق الرحلة في طلب العلم بعد جيل التابعين وبلغ أوجه في القرنين الثالث والرابع الهجريين، ويقدم الرامهرمزي "ت360هـ" قائمة بأسماء المحدثين الذين رحلوا في الأقطار مرتبا إياهم على الطبقات فذكر من رحل منهم إلى عدة أقطار ومن قصد ناحية واحدة للقاء من بها من العلماء، وهذه الأقطار التي كان العلماء يقصدونها هي مراكز الثقافة في العالم الإسلامي آنذاك. وقد كان للرحلة في طلب العلم أثر في شيوع العلم وتكثير طرق الأحاديث والتعرف على رجال الحديث لأن المحدث يذهب إليهم في بلدهم فيخالطهم ويسألهم ويتعرف على أحوالهم وسيرتهم في بلدهم4، ومع ذك فقد وجدت العصبية المحلية مجالا بين أهل الحديث ففخر بعضهم بمصادر مروايتهم وتهكم بمصادر الآخرين وسخر من شيوخهم "فقد حضر جماعة من أهل الكوفة وأهل الحجاز عند عبد الله بن أدريس فجرى ذكر المسكر فحرمه الحجازيون وجعل أهل الكوفة يحتجون في