بدء الوضع:

الحديث الموضوع هو المختلق المصنوع، واعتبره المحدثون شر الأحاديث الضعيفة1، أما الوضاعون فهم الذين تعمدوا الكذب لا لأنهم أخطئوا ولا لأنهم رووا عن كذاب2، ولم يقع الوضع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يصح في ذلك شيء، وقد غلب على ظن أحمد أمين أن حديث: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" 3 إنما قيل في حادثة زور فيها على الرسول4، ولكن ما ذهب إليه لا سند له في روايات التاريخ ولا في سياق الحديث، فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك حين أمر أصحابه بالتبليغ عنه، وفيه دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم توقع ما سيكون من كذب عليه فحذر من ذلك، ونهى أصحابه إلى أخذ الحيطة والتيقظ في قبول الأحاديث، ولم يصح دليل على أنه قاله في حادثة تزوير معينة5.

ولا شك أن تعلق الصحابة بالإسلام وما بذلوه من تضحيات جسام في النفس والمال والأولاد يقطع بإخلاصهم ونزاهتهم وصدقهم وعدالتهم، قال البراء: "ما كل ما نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعناه منه، منه ما سمعناه منه، ومنه ما حدثنا أصحابنا ونحن لا نكذب"6. "وذكر أنس حديثا فقال له رجل: أنت سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم أو حدثني من لا يكذب، والله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015