القرآن ويفصل الأحكام المجملة التي وردت فيه، ويقيد المطلق، ويخصص العام، ويقرر أحكامًا لم ينص عليها الكتاب. ولا يمكن أن يتكامل تصور الإسلام وفهمه بدون الحديث.
ولهذه الأهمية البالغة للحديث عني المسلمون بحفظه وفهمه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته واستمر هذا الاهتمام بالحديث في الأجيال التالية.
وقد تعرض الحديث إلى محاولات قوية للتلاعب فيه والدس عليه، فقد سعى البعض إلى استغلاله لمآربهم السياسية أو المذهبية أو الشخصية، فظهرت حركة الوضع في الحديث التي هددت هذا الأصل الكبير من أصول الإسلام بالتحريف، ولكن العلماء بذلوا جهودًا جبارة في تمحيص الحديث ونقده، وتمييز الصحيح من الموضوع، وقد نجحوا في مهمتهم هذه إلى حد كبير.
وقد أدت حركة الوضع التي كادت أن تهدم السنة إلى نتاج إيجابية أثرت في إشادة صرح السنة وبناء علوم الحديث، فقد دفعت العلماء لاتخاذ ما يلزم لحفظ الحديث وتنقيته ومنع التلاعب فيه فنشطوا في تدوينه بنطاق واسع في فترة مبكرة منذ أواخر القرن الأول وخلال القرن الثاني الهجري، وخلال الجهود التي بذلت في فترة التدوين لتمييز الأحاديث ظهرت قواعد نقد الحديث ثم تبلورت هذه القواعد على مر الزمن حيث ظهرت بشكل منسق ودقيق في كتب مصطلح الحديث، كما تجمعت الملاحظات المنوعة عن رواة الحديث في كتب الرجال.