ولعل الحافظ العراقي كَانَ أشمل في بيان الحكم من غيره، إِذْ قَالَ: ((ثُمَّ الحكم فيمن اختلط أنه لا يقبل من حديثه ما حدّث بِهِ في حال الاختلاط، وكذا ما أبهم أمره وأشكل، فَلَمْ ندرِ أحدّث بِهِ قَبْلَ الاختلاط أو بعده؟ وما حدث بِهِ قَبْلَ الاختلاط قُبِلَ، وإنما يتميز ذَلِكَ باعتبار الرُّوَاة عَنْهُمْ، فمنهم من سَمِعَ مِنْهُمْ قَبْلَ الاختلاط فَقَطْ، ومنهم من سَمِعَ بعده فَقَطْ، ومنهم من سَمِعَ في الحالين، وَلَمْ يتميز)) (?) .
وَقَدْ قسّم الْمُحَدِّثُوْنَ المختلطين من حَيْثُ تأثير الاختلاط في قبول مروياتهم عَلَى ثلاثة أقسام قَالَ العلائي (?) : ((أما الرُّوَاة الَّذِيْنَ حصل لَهُمْ الاختلاط في آخر عمرهم فهم عَلَى ثلاثة أقسام:
أحدها: من لَمْ يوجب ذَلِكَ لَهُ ضعفاً أصلاً، وَلَمْ يحط من مرتبته؛ إما لقصر مدة الاختلاط وقلَّتِهِ كسفيان بن عيينة (?) ، وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه، وهما من أئمة الإسلام المتفق عليهم؛ وإما لأنه لَمْ يروِ شيئاً حال اختلاطه، فسلم حديثه من الوهم كجرير بن حازم، وعفان بن مُسْلِم (?) ، ونحوهما.