المبحث الأول
منهجه في شرحه
لم يلتزم المؤلفون القدامى - لاسيّما الشرّاح منهم - بنهج واحد يسيرون عليه في أثناء شروحهم، بل كانت ثمّة خطوط عريضة يضعها الشارح نصب عينيه، من غير التفات إلى الجزئيات، ومما يزيد الطين بلّة - كما يقولون - أن السواد الأعظم منهم لم يفصحوا عن مناهجهم، وتركوا الباب مشرعاً على مصراعيه للباحثين في الإدلاء بدلائهم لاستنباط منهج الشارح.
وقد كان من بين هؤلاء: الحافظ العراقي، فلم يوضّح لنا منهج شرحه، ولا أسلوب كتابته إلا أننا وبعد هذا الوقت الطويل الذي قضيناه برفقته استطعنا أن نتلمس بعض الأسس التي اعتمدها الحافظ العراقي في شرحه، والتي يمكن إيجازها بما يأتي:
1- تعددت شروح الألفية - كما سيأتي الكلام عنها - ولكن جميعها التزمت منهج البسط وهو الكلام عن البيت الشعري مقطّعاً؛ وذلك من خلال إيضاح معاني مفرداته ومن ثم معناه العام. في حين انفرد العراقي في شرحه بأن كانت طريقته تمتاز بجمع الأبيات ذات الموضوع والمغزى المتحد في مكان واحد، ومن ثَمَّ توضيح المراد بها من حيث المعنى والدلالة اللغوية والإعرابية. وهذا نهج مستفيض في أثناء شرحه - يلحظه كلّ متأنٍ - فليس بحاجة إلى تمثيل.
2- بروز المنحى القائم على إيراد الأمثلة، إذ لا يكاد يورد شرحاً إلا مع التمثيل كتمثيله للتعليق المجزوم به (?) ، وتمثيله لتسمية غير المجزوم به معلقاً (?) ، وغيرها (?) .
3- التنبيه على المواقع الإعرابية التي تحتلها بعض مفردات النظم، وتغيُّر موقعها الإعرابي بتغيُّر حركتها، نحو: إعرابه لكلمة: ((معتصماً)) (?) ، وكلمة: ((موقوف)) (?) ،