القَوْل الرابع: يحمل المَوْقُوْف عَلَى مَذْهَب الرَّاوِي، والمُسْنَد عَلَى أَنَّهُ روايته فَلاَ تعارض (?) . وَقَدْ رجح الإمام النَّوَوِيّ من هذِهِ الأقوال القَوْل الأول (?) ، ومشى عَلَيْهِ في تصانيفه، وأكثر من القَوْل بِهِ.

والذي ظهر لي – من صنيع جهابذة المُحَدِّثِيْنَ ونقادهم –: أنهم لا يحكمون عَلَى الحَدِيْث الَّذِي اختلف فِيهِ عَلَى هَذَا النحو أول وهلة، بَلْ يوازنون ويقارنون ثُمَّ يحكمون عَلَى الحَدِيْث بما يليق بِهِ، فَقَدْ يرجحون الرِّوَايَة المرفوعة، وَقَدْ يرجحون الرِّوَايَة الموقوفة، عَلَى حسب المرجحات والقرائن المحيطة بالروايات؛ فعلى هَذَا فإن حكم المُحَدِّثِيْنَ في مِثْل هَذَا لا يندرج تَحْتَ قاعدة كلية مطردة تقع تحتها جَمِيْع الأحاديث؛ لِذلِكَ فإن مَا أطلق الإمام النَّوَوِيّ ترجيحه يمكن أن يَكُون مقيداً عَلَى النحو الآتي:

الحكم للرفع - لأن راويه مثبت وغيره ساكت، وَلَوْ كَانَ نافياً فالمثبت مقدم عَلَى النافي؛ لأَنَّهُ علم مَا خفي -، إلا إذَا قام لدى الناقد دليل أو ظهرت قرائن يترجح معها الوقف.

وسأسوق أمثلة لأحاديث اختلف في رفعها ووقفها متفرعة عَلَى حسب ترجيحات المُحَدِّثِيْنَ.

فمثال مَا اختلف في رفعه ووقفه وكانت كلتا الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيْحَة:

حَدِيث عَلِيٍّ - رضي الله عنه -: ((ينضح من بول الغلام، ويغسل بول الجارية)) . قَالَ الإمام

التِّرْمِذِي: ((رفع هشام الدستوائي هَذَا الحَدِيْث عن قتادة وأوقفه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، وَلَمْ يرفعه)) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015